تقسيم المسلمين إلى ملتزمين وغير ملتزمين
سؤالي
بخصوص عبارة : " مسلم ملتزم " ، و " مسلم غير ملتزم ". هنا في السويد يجري
استخدام هاتين العبارتين باستمرار " مسلم ملتزم " ، و " مسلم غير ملتزم "
، وبالتالي حين يطرح سؤال " هل أنت مسلم ؟ " يتم استخدام " مسلم ملتزم "
أو " مسلم غير ملتزم " ، ويعني الناس بعبارة " مسلم ملتزم " من يؤمن بدين
الإسلام ، وهو الإيمان بالله والرسل والملائكة والكتاب واليوم الآخر ،
ويعنون أيضا بعبارة " مسلم ملتزم " أن صاحبها يؤمن بالشريعة الإسلامية ،
وأنه غالبا يتبعها ويفعل كذا وكذا ، على سبيل المثال يؤدي الصلوات الخمس
يوميًا ، ويصوم رمضان ، ويؤدي الزكاة ، إلى آخره . أما قولهم : " مسلم غير
ملتزم " فيعنون به من يؤمن بدين الإسلام ، وهو الإيمان بالله والملائكة
والكتاب واليوم الآخر ، ويعنون أيضا بقولهم " مسلم غير ملتزم " من يؤمن
غالبا بالشريعة الإسلامية ، لكنه لا يتبعها ، على سبيل المثال : لا يصلي
الصلوات الخمس يوميا ، ولا يصوم رمضان ، ولا يؤدي الزكاة ، والمرأة لا
ترتدي الحجاب ، إلى آخره . وسؤالي : هل يكون الواحد " مسلما ملتزما " أم "
مسلما غير ملتزم " ؟ هل هذه التسميات شرعية ، وصحيحة ؟ ومن هو المسلم ؟
الحمد لله
المسلم هو الذي آمن بأركان الإيمان
الستة : آمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وبالقدر
خيره وشره . ونطق بشهادة التوحيد ، ليعلن استسلامه لله وحده لا شريك له ،
وانقياده للشريعة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
فكل من أتى بذلك فهو من المسلمين ، له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم ، إلا
أن يهدم إسلامه بعمل أو قول أو اعتقاد كفري ينقض أركان الإيمان التي قامت
في قلبه .
غير أن الناس يتفاوتون في درجة الإيمان ، كما يتفاوتون في درجة الانقياد بالعمل بأحكام الدين وامتثال أوامره .
فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم
أن للإيمان شعبا كثيرة ، ومراتب متفاوتة ، وذلك يعني أن المؤمنين يتفاوتون
في درجاتهم بحسب امتثالهم لهذه الشعب والمراتب .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ
بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ،
وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )
رواه البخاري (9) ، ومسلم (35) واللفظ له .
وفي القرآن الكريم تقسيم الناس إلى
مراتب ثلاثة : الظالم لنفسه بمعصيته ، والمقتصد بطاعته في الواجبات
واجتنابه المحرمات ، والسابق بالخير المحافظ على النوافل والمجتهد في
معالي الأمور . يقول الله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ
الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ
اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) فاطر/32
فانقسام الناس بحسب طاعتهم وتمسكهم بشرع الله انقسام حاصل ولا بد ، غير أن
تسميات الناس لهذه الأقسام هي التي قد تختلف ، لكنها في مجملها تقسيمات
شرعية صحيحة .
ونحن - وإن كنا لا نرى حرجا في هذه
التسميات ابتداء ، ومنها " ملتزم " و " غير ملتزم " - غير أنا ننبه على
بعض الأخطاء التي تتعلق بهذه الأسماء المنتشرة اليوم :
أولاً: لا يجوز أن
يختزل مفهوم " الملتزم " بالمظاهر ، لتطلق هذه الكلمة على صاحب اللحية
والثوب فقط ، بل الواجب اعتبار التمسك الحقيقي بالدين الحنيف والعقيدة
الصحيحة والأخلاق الفاضلة المعيارَ الأساسيَّ لهذا التقسيم ، والثوب
واللحية وحجاب المرأة أجزاء لا كليات ، وهي تدل على الالتزام في الظاهر ،
الذي ينبغي أن يصاحبه التزام في الباطن ، لكن ذلك التوازن المطلوب بين
الظاهر والباطن ، يتخلف في أحيان ليست بالقليلة ، مع الأسف !! ولذلك لا
يجوز أن تتخذ هذه الأوصاف سلاحا لجزم الحكم في الناس بغير وجه حق ، فمن
أبغض شخصا وسمه بعدم الالتزام ، ومن أحب آخر وصفه بالملتزم ، يريد بذلك
الحكم على الشخص بين الناس بالفسق أو العدالة ، وهو غير أهل لذلك ، بل قد
يكون ساقط العدالة أصلا ، وقد رأينا صورا كثيرة من هذا المسلك في كثير من
المجتمعات، استغلت فيها الألقاب الشرعية لتحقيق مآرب شخصية ، وهي ظاهرة
خطيرة يجب على الجميع التنبه لها .
ثانياً: أما اتخاذ هذه
الألقاب سبيلا لتفريق صف الناس ، وإحداث النزاع بينهم ، وإظهار الانقسام
في وحدتهم ، فهو غرض قبيح ، ليس له وجه شرعي ، إلا إذا كان الموصوف بعدم
الالتزام قد غرق في سبل الشر والمنكرات الظاهرة المتفق عليها بين علماء
المسلمين ، فمثله يمكن وسمه بالمعصية وعدم الالتزام ، لكننا نشاهد – لدى
كثير من الناس – تعريف " الالتزام " بأشياء يراها هو من الدين ، وقد تكون
من مسائل الاجتهاد ، ثم يطلق في الناس ألقاب الالتزام أو عدم الالتزام
بناء على ما يختاره هو من أقوال الفقهاء ، دون مراعاة الخلاف الواقع في
هذا العمل بين أهل العلم ، وهذا أيضا خلل كبير .
ولذلك ، فالذي نراه
أقرب إلى الإنصاف والاعتدال ، وأبعد عن الخلاف ، وأسلم عند الله تعالى ،
أن يوصف الناس ـ عند الحاجة الشرعية إلى إطلاق الأوصاف الإضافية الزائدة
على مجرد التسمي باسم الإسلام ـ بألفاظ محددة ، وليس بالألفاظ المجملة ،
فيقال مثلا : هو محافظ على الصلوات ، أو هو كريم النفس ، أو هو قارئ
للقرآن ، فهذه صفات واضحة معينة تعبر عن الحقيقة التي يتصف بها ، دون تدخل
الرأي الشخصي ، فلا تتحمل مسؤولية الألقاب المجملة التي تخفي وراءها
أطماعا أو أحقادا ، وأما إطلاق " ملتزم " فهو لفظ مجمل محتمل يقتضي متابعة
حثيثة لحال الرجل الموصوف ، ثم أمانة في الحكم عليه ، وقلما تجد هذا اليوم
، ومعلوم أن غالب مشكلات الناس إنما ترد من الألفاظ المجملة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
بخصوص عبارة : " مسلم ملتزم " ، و " مسلم غير ملتزم ". هنا في السويد يجري
استخدام هاتين العبارتين باستمرار " مسلم ملتزم " ، و " مسلم غير ملتزم "
، وبالتالي حين يطرح سؤال " هل أنت مسلم ؟ " يتم استخدام " مسلم ملتزم "
أو " مسلم غير ملتزم " ، ويعني الناس بعبارة " مسلم ملتزم " من يؤمن بدين
الإسلام ، وهو الإيمان بالله والرسل والملائكة والكتاب واليوم الآخر ،
ويعنون أيضا بعبارة " مسلم ملتزم " أن صاحبها يؤمن بالشريعة الإسلامية ،
وأنه غالبا يتبعها ويفعل كذا وكذا ، على سبيل المثال يؤدي الصلوات الخمس
يوميًا ، ويصوم رمضان ، ويؤدي الزكاة ، إلى آخره . أما قولهم : " مسلم غير
ملتزم " فيعنون به من يؤمن بدين الإسلام ، وهو الإيمان بالله والملائكة
والكتاب واليوم الآخر ، ويعنون أيضا بقولهم " مسلم غير ملتزم " من يؤمن
غالبا بالشريعة الإسلامية ، لكنه لا يتبعها ، على سبيل المثال : لا يصلي
الصلوات الخمس يوميا ، ولا يصوم رمضان ، ولا يؤدي الزكاة ، والمرأة لا
ترتدي الحجاب ، إلى آخره . وسؤالي : هل يكون الواحد " مسلما ملتزما " أم "
مسلما غير ملتزم " ؟ هل هذه التسميات شرعية ، وصحيحة ؟ ومن هو المسلم ؟
الحمد لله
المسلم هو الذي آمن بأركان الإيمان
الستة : آمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وبالقدر
خيره وشره . ونطق بشهادة التوحيد ، ليعلن استسلامه لله وحده لا شريك له ،
وانقياده للشريعة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
فكل من أتى بذلك فهو من المسلمين ، له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم ، إلا
أن يهدم إسلامه بعمل أو قول أو اعتقاد كفري ينقض أركان الإيمان التي قامت
في قلبه .
غير أن الناس يتفاوتون في درجة الإيمان ، كما يتفاوتون في درجة الانقياد بالعمل بأحكام الدين وامتثال أوامره .
فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم
أن للإيمان شعبا كثيرة ، ومراتب متفاوتة ، وذلك يعني أن المؤمنين يتفاوتون
في درجاتهم بحسب امتثالهم لهذه الشعب والمراتب .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ
بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ،
وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )
رواه البخاري (9) ، ومسلم (35) واللفظ له .
وفي القرآن الكريم تقسيم الناس إلى
مراتب ثلاثة : الظالم لنفسه بمعصيته ، والمقتصد بطاعته في الواجبات
واجتنابه المحرمات ، والسابق بالخير المحافظ على النوافل والمجتهد في
معالي الأمور . يقول الله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ
الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ
اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) فاطر/32
فانقسام الناس بحسب طاعتهم وتمسكهم بشرع الله انقسام حاصل ولا بد ، غير أن
تسميات الناس لهذه الأقسام هي التي قد تختلف ، لكنها في مجملها تقسيمات
شرعية صحيحة .
ونحن - وإن كنا لا نرى حرجا في هذه
التسميات ابتداء ، ومنها " ملتزم " و " غير ملتزم " - غير أنا ننبه على
بعض الأخطاء التي تتعلق بهذه الأسماء المنتشرة اليوم :
أولاً: لا يجوز أن
يختزل مفهوم " الملتزم " بالمظاهر ، لتطلق هذه الكلمة على صاحب اللحية
والثوب فقط ، بل الواجب اعتبار التمسك الحقيقي بالدين الحنيف والعقيدة
الصحيحة والأخلاق الفاضلة المعيارَ الأساسيَّ لهذا التقسيم ، والثوب
واللحية وحجاب المرأة أجزاء لا كليات ، وهي تدل على الالتزام في الظاهر ،
الذي ينبغي أن يصاحبه التزام في الباطن ، لكن ذلك التوازن المطلوب بين
الظاهر والباطن ، يتخلف في أحيان ليست بالقليلة ، مع الأسف !! ولذلك لا
يجوز أن تتخذ هذه الأوصاف سلاحا لجزم الحكم في الناس بغير وجه حق ، فمن
أبغض شخصا وسمه بعدم الالتزام ، ومن أحب آخر وصفه بالملتزم ، يريد بذلك
الحكم على الشخص بين الناس بالفسق أو العدالة ، وهو غير أهل لذلك ، بل قد
يكون ساقط العدالة أصلا ، وقد رأينا صورا كثيرة من هذا المسلك في كثير من
المجتمعات، استغلت فيها الألقاب الشرعية لتحقيق مآرب شخصية ، وهي ظاهرة
خطيرة يجب على الجميع التنبه لها .
ثانياً: أما اتخاذ هذه
الألقاب سبيلا لتفريق صف الناس ، وإحداث النزاع بينهم ، وإظهار الانقسام
في وحدتهم ، فهو غرض قبيح ، ليس له وجه شرعي ، إلا إذا كان الموصوف بعدم
الالتزام قد غرق في سبل الشر والمنكرات الظاهرة المتفق عليها بين علماء
المسلمين ، فمثله يمكن وسمه بالمعصية وعدم الالتزام ، لكننا نشاهد – لدى
كثير من الناس – تعريف " الالتزام " بأشياء يراها هو من الدين ، وقد تكون
من مسائل الاجتهاد ، ثم يطلق في الناس ألقاب الالتزام أو عدم الالتزام
بناء على ما يختاره هو من أقوال الفقهاء ، دون مراعاة الخلاف الواقع في
هذا العمل بين أهل العلم ، وهذا أيضا خلل كبير .
ولذلك ، فالذي نراه
أقرب إلى الإنصاف والاعتدال ، وأبعد عن الخلاف ، وأسلم عند الله تعالى ،
أن يوصف الناس ـ عند الحاجة الشرعية إلى إطلاق الأوصاف الإضافية الزائدة
على مجرد التسمي باسم الإسلام ـ بألفاظ محددة ، وليس بالألفاظ المجملة ،
فيقال مثلا : هو محافظ على الصلوات ، أو هو كريم النفس ، أو هو قارئ
للقرآن ، فهذه صفات واضحة معينة تعبر عن الحقيقة التي يتصف بها ، دون تدخل
الرأي الشخصي ، فلا تتحمل مسؤولية الألقاب المجملة التي تخفي وراءها
أطماعا أو أحقادا ، وأما إطلاق " ملتزم " فهو لفظ مجمل محتمل يقتضي متابعة
حثيثة لحال الرجل الموصوف ، ثم أمانة في الحكم عليه ، وقلما تجد هذا اليوم
، ومعلوم أن غالب مشكلات الناس إنما ترد من الألفاظ المجملة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب